منوعات

مراحل العلمانية وصورها | تعرف على اهم المراحل وتحديد اهدافها

مراحل العلمانية وصورها,

مراحل العلمانية وصورها, يُعَدُّ العلمانية من الأمور الحديثة التي انتشرت في العالم، فهي تعتبر منهجاً فكرياً يؤمن بأهمية فصل الدين عن الدولة والقانون. تعتمد هذه المذهبية على فكرة أن شئون الدولة يجب أن ترتكز على العقل والعلم، وأن الدين والمعتقدات الدينية لا يجب أن تكون صمام أمان للخطأ أو الغلط في صنع القرارات. في مقال مراحل العلمانية وصورها على موقع حنكة، سنتحدث عن مراحل تطور العلمانية عبر التاريخ وصورتها اليوم، وكيف أدت هذه المراحل إلى صقل النظرة العالمية للإنسان وثقافته ودينه.

مرحلة العلمانية المعتدلة

تعتبر مرحلة العلمانية المعتدلة من أبرز مراحل العلمانية التي مر بها الفكر العلماني الأوروبي. وتمتد هذه المرحلة على مدى القرنين السابع عشر والثامن عشر. وتميزت هذه المرحلة بتعدد الفكر الديني وتقربه إلى الفكر العقلاني الذي يتمحور حول المبدأ العلمي والأسس المنطقية. ومن الجدير بالذكر أن الفكر العلماني في هذه المرحلة، ورغم إعتبار الدين أمرا شخصيا، لم يسلب المسيحية كدين من كل قيمة لها، كونه يجتهد في البحث عن الحق والغربة وإظهار الشوائب والعيوب التي أصبحت مرفوضة من العقل والة النظر العلمية.

ومنذ مرحلة العلمانية المعتدّلة وتطور الفكر العلماني الأوروبي، بدأ تطوير وتصميم طرح فصل ديني دقيقة وواضحة بين الدولة والكنيسة. كما أن الفكر العلماني في هذه المرحلة طالب بتأكيد الفصل بين الدولة والكنيسة ورفض التدخل الديني في شؤون الدولة، مع التزام الدولة بحماية الكنائس وجميع المعابد الدينية وضمان الحق في العبادة.

وبالرغم من طموحات الفكر العلماني في فصل الدين عن السياسة إلا أنه لم ينكر المسيحية كدين من جانبه. كان الفكر العلماني ينطلق في تفسير الحقائق والمبادئ المعروفة، مؤمناً بوجود الله كأصل للعالم، ولكنه ينكر الإعجاز والوحي وتدخل الله في العالم ويقدم المبادئ العلمية والمنطقية كأساس للتفكير والتأقلم في الحياة.

Advertisements

في نهاية المطاف، يمكن القول أنه من خلال مرحلة العلمانية المعتدلة تم تمهيد الطريق لتطور الفكر العلماني فيما بعد. وقد جاءت الاتجاهات المتعددة للفكر الديني والعلماني لتقرب بعضها للبعض وتضفي مزيداً من الحرية على الفكر والعقل. ومازال هذا التطور قائمًا، إذ ربما يتصاعد الصراع بين المذاهب الدينية والفكر العلماني في السنوات القادمة.

الفصل بين الدولة والكنيسة

تشير مرحلة العلمانية إلى فكرة فصل الدولة عن الديانة والكنيسة. هذه الأفكار يمكن تتبعها إلى العصور الوسطى عندما كان الكنيسة تحرك الناس والأمة في بلدان الغرب. وقد شهد القرن الثامن عشر العديد من النقاشات حول الحاجة إلى فصل الدولة والكنيسة والفصل بين الحكم المذهبي والعلماني.

في نهاية القرن الثامن عشر، عقد الفيلسوف الفرنسي فولتير اجتماعات في بروكسل لتداول الأفكار والنظريات حول علمانية الدولة. وفي القرن التاسع عشر، قامت الحركة الحرية عبر العالم بتأييد فكرة الفصل بين الدولة والكنيسة.

ومنذ ذلك الوقت، وبشكل منتظم، تم إدخال تعديلات دستورية في العديد من الدول لتعزيز فكرة العلمانية وتأمين حقوق الأقليات الدينية إلى جانب الأغلبية.

Advertisements

ونتيجة لذلك، تم التوصل إلى توافق بشأن الفصل بين الدولة والدين، وذلك من خلال تبني العديد من الدول للتوجه العلماني الذي يحفظ حق المواطنين في العيش بحرية دون قيود أو تمييز ديني.

وبالإضافة إلى ذلك، أكد العديد من السياسيين والعلماء في القرن العشرين ضرورة فصل الدولة عن الكنيسة بشكل أوسع وإنشاء دولة علمانية مارسة بالشكل الصحيح، حيث تكون الأحكام التي تحكم الدولة هي بمثابة الشريعة الوحيدة وليس الدين المذهبي.

وفي النهاية، يمكن القول بأن فكرة العلمانية تمثل الحياة العامة الحرة والعدالة والمساواة للجميع دون تمييز ديني. إنه حق وعليه لكل شخص أن يختار معتقده اعتمادًا على اعتقاده ورأيه الشخصي الخاص.

حماية الكنيسة من قبل الدولة

تعتبر حماية الكنائس من قبل الدولة بمثابة إحدى مراحل العلمانية في التاريخ. فمنذ القرون الوسطى، كانت الكنائس تحت رعاية الدول الأوروبية وكانت هذه الدول تضع شروطًا عليها. وفي القرن الثامن عشر، بدأ الانفصال بشكل كامل بين الكنيسة والدولة، وذلك بفضل المفاهيم العلمانية التي تروج لفكرة فصل الدين عن الدولة.

Advertisements

يمكن تفسير حماية الكنائس من قبل الدولة على أنها ضرورية لتحقيق فصل الدّين عن السّياسة. فعندما تكون الكنائس تحت رعاية الدولة، يكون هناك الكثير من القيود والشروط الواضحة التي يجب على الكنائس الالتزام بها. ومن شأن هذا التحكم المباشر من قبل الدولة في شؤون الكنائس أن يقود إلى إزالة سلطة الكنائس على المؤسسات السياسية.

يتفق الكثيرون على أن هذه الخطوة كانت ضرورية لتطوير الدولة الحديثة. فالدولة المدنية تقوم على أسس مختلفة وتحتاج إلى أن تتخلى عن بعض القيم والمثل الدينية لتحقيق التقدم والابتكار. ولذلك، اضطرت الدولة إلى إعطاء الأولوية للأمور المدنية بدلًا من الأمور الدينية، وذلك كان موضع رحب من الكثير من المسلمين في العالم الحديث. من خلال حماية الكنائس من قبل الدولة، وصلت العالم الغربي إلى هذه المرحلة في التطوير السياسي المتقدم.

عدم اعتبار الدين أمرًا حكوميًا في المرحلة المعتدلة

تندرج العلمانية تحت مبدأ فصل الدولة عن الدين، وإلغاء دور الدين في التشريع والحكم والسياسة. وعلى الرغم من أن المبدأ قائم على فكر دنيوي خالٍ من التفاعل مع الجوانب الروحانية، يتم الترويج للعلمانية في المجتمعات المتقدمة التي تحترم معتقدات الناس وتحافظ على حرياتهم الدينية. إذ يتم تفعيل المبدأ في صور متعددة استنادًا إلى مدى الحرية التي تقرها الدولة للمواطنين في مجال الدين، ويعد عدم اعتبار الدين أمرًا حكوميًا هو الصورة المعتدلة للعلمانية.

تعني هذه الصورة منع تدخل الدين في شئون الحكم والسياسة وعدم السماح له بأي تأثير على صنع القرارات في هذا الصدد. وبالتالي، فإن الدولة لا تتدخل في قضايا الدين ولا تفرض أي مبادئ أو قيود دينية على المواطنين. وتترك الحرية للفرد في اختيار ما يُناسبه دينيًا، وفقًا لمعتقداته الشخصية وتفضيلاته الدينية.

Advertisements

يستند فكر العلمانية المعتدلة على فكرة أنه يجب أن يكون هناك فصل تام بين الدين والسياسة، وعلى المجتمع احترام معتقدات الناس وحرياتهم الدينية. ولذلك، فإن عدم اعتبار الدين أمرًا حكوميًا في العلمانية المعتدلة لا يعني إزالته تمامًا من المجتمع الذي يعيش فيه، بل يتم تقدير وتحترم المعتقدات الدينية للأفراد.

على الرغم من أن العلمانية المعتدلة تعني عدم اعتبار الدين أمرًا حكوميًا، فإنها تتعامل مع الدين ومعتقدات أتباعه بذكاء وتحترمها دون التدخل فيها ودون إجبار أي شخص على اعتناق دينٍ أو معتقدٍ معين. وبهذا الشكل، فإن الحكومة المشكلة بموجب هذا المبدأ تكون أكثر احترامًا للفرد ومعتقداته، وتؤمن بالحرية الدينية كحق من حقوق الإنسان.

إخضاع تعاليم المسيحية إلى العقل

تعتبر العلمانية من الظواهر الهامة التي شهدها العالم في القرن الحادي عشر، إذ تمثل فكرة للإمتناع عن تدخل الدين في التحكيم في الأمور العامة، وبشكل خاص في الأمور السياسية. ومن ناحية أخرى، فإن تحرير العقل من العقائد الدينية الموروثة سياسيًا كان ولأسبابٍ عديدة. ومن هذه الأسباب تخلي الدولة عن سيطرة الكنائس عليها، مما يؤدي إلى الإصلاح الثقافي والإداري.

ومع انتشار هذا الإنتقال التاريخي، كان عليه أن يمس المذاهب الدينية الموجودة في بعض الدول، ومنها المسيحية على سبيل المثال. وبصفتها ذات ديانة رئيسية في العالم، شكلت المسيحية مقصدًا للجميع لتفكيك السلطة الكنسية المطلقة. وهذا ما يسمى بإخضاع تعاليم المسيحية ومعتقداتها إلى قانون العقل والمنطق والتحليل.

Advertisements

ويبتدئ التأثير على العقائد الدينية المسيحية بتناول جوانبها الروحانية التي وقتها كانت تتداخل مع الحياة اليومية للناس. ومع الحرية الجديدة التي تمنحها العلمانية، صار بإمكان الناس تجربة الحياة بشكلٍ مختلفٍ وبطريقة أكثر شخصية، وبإمكانهم البحث عن المعنى الروحي للحياة دون التأثر بقوانين وأنظمة الكنائس التي كانت تقيد الأفراد.

وتأثرت التعاليم المسيحية بالعقلانية أيضًا عند محاولة تفسير بعض أحداث العالم بطريقة أكثر علمية ومنطقية. وكانت تعاني الكنيسة في العصور الوسطى من النظريات الفلسفية المتضاربة التي كان يصعب على الشعب فهمها. لكن مع ظهور العلمانية، صارَ بإمكان العلماء في المجتمعات غير الدينية، ومنهم الفلاسفة والعلماء وعلماء الفلسفة، إيجاد نظريات وأفكار راسخة تحاكي الحياة المعاصرة.

وغير ذلك، ازداد الاهتمام بالمناقشات الفلسفية والمعرفية، وكان الناس يسعون لفهم العالم بطريقةٍ أعمقٍ بعيدًا عن الجوانب الروحية فحسب، وإنما بشكلٍ عام، كالرياضيات والفيزياء والعلوم الأخرى. ويشكّل هذا الاهتمام بمجالات العلم والمعرفة جزءاً من الحرية التي تمنحها العلمانية، والتي تؤدي إلى تطوير الحضارات والتحول الإيجابي في العالم.

في النهاية، يمكن القول بأن إخضاع تعاليم المسيحية إلى العقل، تأثر بقوة بالعلمانية وشكّل جزءاً أساسيًا من الانتقال التاريخي العام بعد الثورة الصناعية. ومن الجدير بالذكر أن هذا الإنتقال يستمر حتى اليوم، ويؤثر بشكلٍ مباشر على مختلف الديانات والمجالات الدينية.

Advertisements

مذهب الربوبيين

تعد العلمانية من أهم المسائل التي طرحها الفكر السياسي، وتواكب معها الدين والفلسفة، فقد دفع هذا الفكر الناس إلى البحث عن حلول للمشاكل الحديثة التي تعاني منها المجتمعات الحديثة. وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر العلمانية فكرة ضرورية لإرساء مفهوم الدولة المدنية التي تستند إلى عدم التمييز بين المواطنين بسبب اختلاف أديانهم أو مذاهبهم أو أصولهم.

مذهب الربوبيين هو الذي يعتمد على مفهوم تحرير العقل، والإيمان بأن الإنسان يمكن أن يدرك الحقيقة بالعقل دون الحاجة إلى الإيمان بالدين. ويؤيد هذا المذهب فلسفة البراجماتية التي ترى أن التجربة هي السبيل الوحيد للوصول إلى المعرفة الصحيحة، وهو ما يعني أن الإنسان يمكنه تحقيق الحرية الفكرية من خلال العلم والتجربة.

يتطور مذهب الربوبيين مع مرور الزمن، ففي القرن الثامن عشر، ظهر فلسفة العقلانية التي ترى أن العقل هو المصدر الأساسي للمعرفة والحقيقة، ولا يمكن الاعتماد على أي مصدر آخر. وعندما استعملت هذه الفلسفة في المجال السياسي، أدت إلى تبني العديد من الدول، مثل فرنسا، دستورًا يعتمد على حقوق الإنسان والمواطنية والعدالة الاجتماعية، ويحظر الدين في المسائل السياسية.

يؤمن مذهب ربوبيون بضرورة فصل الدين عن الدولة، ويعتبر أنه لا يجب السماح بتدخل الدين في الشئون السياسية. وبموجب هذا الفكر، يمكن للأفراد أن يمارسوا طقوسهم الدينية، ولكن يجب عليهم احترام قوانين الدولة، والمحافظة على السلم الاجتماعي والأمن.

Advertisements

يطور مذهب الربوبيين مع مرور الوقت، ويتطور أيضًا بمعاونة الدين، إذ تواكب الدين العلمانية وتركز على القيم والأخلاق التي تساعد في الحفاظ على السلم والاستقرار في المجتمعات. ويحث كذلك الدين على الاحترام المتبادل بين الناس، بدون تمييز عرقي أو ديني أو جنسي.

تواجه العلمانية العديد من التحديات في الوقت الحالي، خاصة في هذه الفترة التي تشهد تصاعدًا في الظاهريات الدينية المتطرفة، وتعرضها للهجمات المرتبطة بالعنف والإرهاب. ومع ذلك، يقوم مذهب الربوبيين على ترسيخ التفكير المستقل والحرية الفكرية، ومن المهم الاستمرار في تواكبها وتعزيزها كمفهوم قائم على العدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية.

إنكار بعض تعاليم المسيحية

تتعلق العلمانية بفصل الحكومة ومؤسساتها عن السلطة الدينية. وأحد أهدافها هو إزالة أو تقليل دور الدين في أي مجال عام والترويج لاعتماد الأسس الدنيوية في تفاعل الإنسان مع الحياة. ولقد أدى هذا المفهوم إلى إنكار بعض تعاليم المسيحية، خاصة تعاليم نظرية المؤامرة التي تنادي بوجود تحالف بين حكومات العالم والبابا وجهاز الاستخبارات والصناع المسيحيين الغير ودود. وفي سياق يتعلق بعدم القيام بإجبار أي شخص على اتخاذ دين أو معتقد، فقد أدى التركيز على الأسس الدنيوية إلى ظهور الفكرة الرائجة لتحرر العقل من القيود الدينية، وهذا، بدوره، أدى إلى انتشار الإلحاد في بعض المجتمعات.

وبينما تتنوع المفاهيم والتيارات العلمانية، فإن أحدها ينادي بالحاجة إلى تخلي مؤسسات الدولة عن التورية الدينية، وبذلك يتم فصل المسيحية عن الدولة والمجتمع عموما. جلبت هذه التحركات آثارًا سلبية على المسيحية، الشيء الذي تسبب في تقليل دور الكنيسة في بعض المجتمعات العلمانية. وتُعد سمة مميزة للعلمانية هي التركيز على الجانب الدنيوي للحياة، وهذا يكرس فكرة التمركز على الحاضر وبذلك تعزز فكرة العقلانية والحرية.

Advertisements

وتتمحور العلمانية في أساسها حول تشجيع الشخصية الحرة والإعلان عن الاستقلالية في اتخاذ القرار. ومن هذا المنطلق، تعتبر بعض مفاهيم المسيحية كالتفتيش الذاتي والتضحية والانخراط في المجتمعات التعاونية تعارض كبير مع مفهوم العلمانية. وتتطلب العلمانية دائمًا إجراء تشخيص دقيق للقيادات الدينية والاعتراف بدور العلم في الحياة. وهي تدعم علاقة قوية بين الإنسان والحرية، وهو ما قد يتعارض مع بعض المفاهيم المتداولة في الفيناء المسيحية.

وتأتي العلمانية لتمنح الفرد الحق في اتخاذ القرارات بحرية، دون أن يتم إرغامه على اعتماد أي معتقدات دينية ما لم تكن مبنية على مبادئ دنيوية. ويتعين على الشخص التفكير في سياق الحياة الدنيوية والاعتماد على عقله في اتخاذ القرارات. وهذا قد يتعارض مع بعض المفهومات المسيحية كالعلو والخلاص والمعاد؛ إذ لا يستطيع الإنسان اتخاذ القرارات بحرية كاملة إذا كان يتوقع المزيد من العيش بعد الموت. وبالتالي يلزمنا فهم العلمانية وآثارها السلبية والإيجابية بعناية.

المطالبة بإعطاء الدين قيمته

تحاكي العلمانية الدول الحديثة والمتقدمة التي تنظم علاقتها بين المسلمين وبين غيرهم دون التمييز بينهم وبين السلفيين وبينهم. تعطي العلمانية الحرية للأفراد في اختيار طريقة العيش، وتكفّل للكلّ الحقوق المدنية والسياسية دون تفرّق. وفي بعض الدول العربية، يطالب البعض بإعطاء الدين قيمته وفق منهج، وكيف يتم تطبيقه، وتحكّم الشريعة في الأحوال الشخصيّة، وتحمي الأقلّيات الدينيّة، وإلغاء الحجرة الدينيّة، وإعادة تطوير المذهب الشيعيّ بشكل متساوٍ مع المذهب السنيّ. حتى ينتشر بهذا الشكل الحداثيّ الكامل، يتطلب الأمر عملية تطوير عميقة للإدارة الحكومية والنظام القضائي، وتعزيز المؤسسات الديمقراطية، والتخطيط للتغيير الاجتماعي والثقافيّ.

الفدين والعلمانية يشتركان في تركيبة مشتركة، وهي عملات واحدة. الدين الذي يتجاوز إلى موضوعات الحياة اليومية، العلمانيّة تتنازل فيها عن المسائل المتعلقة بالدين، والاهتمام بالنواحي المادّيّة والمعنويّة. وعندما يتبادل الطرفان التكفير، فإنه يتميز بأنّهما يعتبران بعضهما “مثليّ” متى قام أحدهما بارتكاب محظور شرعًا، ويحاول كل منهما أن يفكك من قائمة الآخر، أو أن يبرر سلوكه أمام الآخر. وعندما يستجدي السلطة، فإنه يتنافس على الإنتاجية، ويلعب على اليقين في السياسة، ودوافع الاستفادة المادّيّة. للتغلّب على المصطلحات الفارغة والتكفير المتبادل، يتطلب الأمر تعزيز التنوع الثقافي، وتحفيز التعبير عن الرأي، وتهيئة المشاركة في الأتمتة المرتبطة بالمفاهيم الحساسة.

Advertisements

استنادًا إلى النصوص الدستورية في معظم الدول العربية، يمكن إيجاد نموذج علماني موّحد يجمع بين المجتمعات الدينية وغير الدينية. في هذا النموذج، يتمتع كل مواطن بالحقوق المدنية والسياسية، ويحظى بالأمان الشخصي والممتلكات الخاصة والحق في الإنغماس في المجتمع الذي يفضّله. وبمقدور الحكومات اتخاذ إجراءات لحماية الحقوق الدّينيّة عن طريق توظيف وإدارة المعلومات وتنظيم المساحات العامة. ويمكن تعزيز الصلات بين الأفراد والأقليّات الدينية، والحفاظ على المساواة بالنسبة للدين، وحماية الحريات الموضوعية. من خلال وضع هذا النموذج العلماني، يمكن السيطرة على الإنتماء العقائدي في مجالات القانون والتربية والاتصال. وبذلك، يُسلط الضوء على أهمية شاملة في التنمية الشاملة للمجتمعات.

التطور تجاه العلمانية الشديدة

تعد العلمانية من أكثر المذاهب الفكرية انتشارًا في العالم، وذلك لأنها تعتمد على فصل الدين عن الدولة والسياسة. وتطورت العلمانية مع مرور الوقت، حيث بدأ الفلاسفة والمفكرون في الغرب بالتحدّث عنها في القرن السابع عشر، لتكون بذلك الأساس الفكري للحريات الشخصية التي نعرفها الآن، مثل حرية الرأي والتعبير والعقيدة والميول الجنسية. كما نشأت تيارات حركية علمانية عديدة في القرن التاسع عشر والعشرين، مثل حملة الدراسات الإسلامية في الهند، والأحزاب العلمانية في تركيا وإيران وغيرها من الدول المسلمة.

تنطوي العلمانية الشديدة على فصل الدين عن كل شأن سياسي أو حكومي، وهي تضع الأعراف والقيم العرفانية الدينية بجانب الآخرين غير الدينيين. ويمكن اعتبار هذا التدخل الفاعل للدولة في الحياة التدنيس الحقيقي للدين. ولربما تؤدي العلمانية الشديدة إلى إنهاء شيء من تعاليم المذاهب الدينية، و ويروج لها على نطاق واسع في الدول الغربية، بتمسكهم بالخصوصية الدينية وبالديمقراطية.

Advertisements

مع تطور العالم الحديث، ازدادت قضايا العلمانية الشديدة أهمية في الشؤون العامة. وتواجه الدول النامية تحديًا كبيرًا في مواجهة تلك الظاهرة التي تتفاقم يومًا بعد يوم. ونتيجة لذلك، تتطلب الأمور العديد من الإجراءات الجديدة والمتقدمة في مجالات التعليم والتكامل والتنمية في الدول المعنية.

من الجدير بالذكر أن العلمانية الشديدة ليست بدينًا فقط، بل أصبحت تمثل فلسفة حياة ومجتمع. وقد أثارت آراء متباينة في جميع أنحاء العالم، وهي تؤثر باختلاف الثقافات والأجيال. ومن المهم أن ننظر بعين الحذر إلى هذه الظاهرة العالمية، ونبحث عن طرق تصحيح الخطأ وإعادة الحياة إلى جوهر الدين الحقيقي، بدلًا من تحويلها إلى نوع من القيمة الاستثنائية. فالدين أحد أساسيات الحياة، ويجب الحفاظ على قيمه وسماته للأجيال القادمة.

Advertisements
السابق
ما هي أشهر أنواع الخطوط الإنجليزية؟
التالي
أنواع التقييم | أهمية التقييم للعاملين والعملاء